في إنتقالات اللاعبين.. يا عزيزي كلنا لصوص

في مصر نرى ونسمع العجب في موسم الإنتقالات سواء كان الشتوي أو الصيفي.. فلا حديث لوسائل الإعلام بكل صورها أو حوارات الجماهير في تلك الفترة إلا عن مفاوضات النادي الفلاني مع اللاعب العلاني، سواء كانت تلك المفاوضات بشكل شرعي أو عن طريق الأبواب الخلفية، وللأسف تلك هي السمة السائدة في موسم الإنتقالات كل عام ولكنها ظاهرة تفشت بشكل بشع هذا الموسم، فالنادي الذي يريد التعاقد مع لاعب لا يذهب لناديه الذي يملك حق بيعه نظراً لوجود تعاقد يجب إحترامه، ولكن يتبع أسلوب جديد ورخيص وهو التفاوض مع اللاعب مباشرة بل والحصول على توقيعه من أجل الضغط على ناديه ومساومته "يا إما توافق أو نظهر العقد ونتسبب في إيقاف اللاعب" أو يظل اللاعب مع ناديه ولكن بجسده فقط وعقله في النادي الأخر ومن هنا لا يستفيد ناديه فنياً أو مادياً والحالات كثيرة تتكرر كل موسم.. ولكن الأمر هنا واضح "مفاوضات غير شرعية وأسلوب غير نظيف"
لكن ما يهمنى هو شئ أخر تماماً.. الصفقات الشرعية التي يصورها البعض بإتهاماته أنها سرقة وتفريغ وتحايل وإلخ.. هناك مبدأ قانوني متعارف عليه وهو "العقد شريعة المتعاقدين" عندما يتفق طرفي التعاقد "اللاعب والنادي" على بنود تعاقدية ويوقع الطرفان بما يعنى أن كلاهما راضي بذلك العقد، وهناك لاعب يشترط أن يكون التعاقد لمدة موسم أو موسمين أو خمسة كحد أقصى حسب "لوائح الفيفا"، وهناك لاعب يضع شرط جزائي بوضع قيمة مالية إذا قام بتسديدها للنادي يصبح من حقه الرحيل، أو العكس فيضع النادي الشرط ويحدد قيمة مالية يسددها اللاعب ليرحل

وهنا بيت القصيد.. هذا هو بند تعاقدي من حق اللاعب أو النادي إستخدامه ولكن يصوره البعض بأنه تحايل كما حدث عندما تعاقد النادي الأهلي مع إسلام الشاطر لاعب الزمالك آن ذاك ووصف الإعلام الأبيض التعاقد بأنه غير شرعي والأهلي قام بخطف لاعب بطريقة غير شرعية، وتدور الأيام ويستخدم الزمالك نفس البند الذي يتيح للاعب الإيفواري "أبوكونيه" الإنتقال لصفوف الزمالك في حالة تسديده الشرط الجزائي لناديه الإنتاج الحربي، وأيضاً يسعى الزمالك لإستخدام الشرط الجزائي الذي يقال أنه موجود في عقد لاعب بتروجيت- السيد حمدي الأهلي تعاقد مع المعتز بالله "إينو" وظل الإعلام الأبيض يردد أن اللاعب قد وقع للأهلي قبل المدة القانونية، وعندما تعاقد الزمالك مع حسين ياسر المحمدي في إنتقالات يناير بعد حصوله على الإستغناء من النادي الأهلي، وصرح اللاعب بعدها أن مفاوضات الزمالك معه من جانب "التوأم" كانت قبل رحيله من الأهلي بشهور، بل أنه إعترف أنه خطط للرحيل من الأهلي بعد سيناريو تم رسمه من قبل منسق الزمالك- إبراهيم حسن، لم يتحدث أحد عن مفاوضات وجلسات غير شرعية قام بها توأم الزمالك مع لاعب متعاقد مع الأهلي في فترة غير قانونية!!،.. قد يكون الأهلي حصل على توقيع إينو في وقت غير قانوني بالفعل، ولكن لماذا يصرخ الإعلام والجمهورالأبيض بالرغم من أنه إستخدم نفس الطريقة التي يتهمون الأهلي بها للتعاقد مع المحمدي؟!!
مشهد أخر من المضحكات المبكيات في السوق الكروي المصري و"إسطوانة غبية" يرددها بعض "الجهلاء"..عندما يتفاوض الأهلي أو الزمالك مع بعض لاعبي الأندية الأخرى يخرج مسئولو هذه الأندية أو بعض الجماهير بأن الأهلي والزمالك يفرغان الأندية من لاعبيها... والسؤال: هل أندية الإسماعيلي والاتحاد والمصري والانتاج وإنبي والمحلة وغيرها لا تقوم بالتعاقد مع لاعبين من أندية أخرى أقل منها؟ لماذا لا يتم إتهام الإسماعيلي بتفريغ أندية الصعيد أو الشرقية، لماذا لا يتم إتهام الجونة أنه يقوم بتفريغ أندية السويس أو أسوان؟، لماذا لا يتم إتهام المصري البورسعيدي بتفريغ أندية الإنتاج وبتروجيت والحرس؟؟!!

للأسف الشديد القائمين على إدارة المؤسسات الكروية في مصر هواة ولا يدركون معنى كلمة إحتراف أو يعلمون ولكن يريدون تطبيقه لصالح أغراضهم فقط.. بمعنى أن نادي مثل الإسماعيلي يريد أن يقوم بالتعاقد مع لاعبين من أندية أخرى ولا يريد أن تتعاقد أندية مع لاعبيه، والإسماعيلي هو مجرد مثال لا أكثر وهو مجرد حالة وليس تربص به.. يجب أن يرتضي كل نادي بأن ينتقل لاعبيه لنادي أكبر طالما أنه يقبل إنتقال لاعبي الأندية الأخرى "الأقل منه" لصفوفه

لا يجب وصف وشخصنة الإحتراف على حسب هوى البعض ولأغراض شخصية، فإذا تفاوض النادي الذي ينتمي له الشخص مع لاعب فيكون ذلك هو "الإحتراف"، وعندما يتفاوض النادي المنافس مع لاعب فيكون ذلك هو "الإنحراف".. طالما تتم العملية التفاوضية والتعاقدية بشكل سليم ومحترم وحسب اللوائح وقبلها "الأصول" فيجب تقبلها بصدر رحب.

إذا كان اللوم موجه للجماهير بنسبة ضئيلة لأن الجماهير همها الأول والأخير مصلحة ناديها بغض النظر عن مصلحة الأخرين.. فكل اللوم للإعلاميين والمسئولين.. فأنا أتذكر أكثر من تقرير قام بعرضه الإعلامي "خالد الغندور" مع جماهير المحلة عند إنتقال أحمد حسن "دروجبا" للأهلي، وإنتقال شريف عبد الفضيل من الإسماعيلي للأهلي وبالطبع كان التقرير موجه "لتسخين" جمهور نادي اللاعب سواء كان ذلك ضد إدارة النادي أو اللاعب لعرقلة الصفقة، وفي نفس الوقت لم أرى أي تقارير لنفس البرنامج أو مقدمه عندما إنتقل هاني سعيد من الإسماعيلي للزمالك، أو إبراهيم صلاح من المنصورة، أو حتى مفاوضات الزمالك الأخيرة مع الثنائي "حسني عبد ربه، المعتصم نريد حياد وإحترام وعدم تعصب وطرح الأمور بمكيال واحد.. إذا كان ذلك هو حال الإعلام بالتأكيد سينعكس ذلك على الجماهير، فلا يجب أن تقود الجماهير الرسالة الإعلامية، ولكن يجب أن يكون الإعلامي هو الموجه والقائد دون أغراض شخصية أو عُقد نفسية، وكل الأسى والحزن عندما أرى الجمهور هو من يطالب الإعلامي بعدم التعصب، وأرى إتهامات الإعلامي للجماهير بأنها سبب التعصب

في النهاية لابد أن نوضح أننا لا نُحابي أحد على حساب الأخر.. الإحتراف مثله مثل كل شئ له إيجابياته وله سلبياته وعلينا التعامل معه بنظرة واحدة طالما تقبلنا وجوده في الأسرة الكروية المصرية.. علينا محاولة تحسين العمل به وتلافي أوجه القصور.. وإذا إتهم طرف الطرف الأخر عندما يمارس حقوقه في التفاوض وضم اللاعبين بأنه لص وسارق.. إذا كان إستخدام اللوائح والبنود هو تحايل.. إذاً يا عزيزي كلنا لصوص...